تعرف على فن الإلقاء والخطابة وصفاتهما !

Advertisements

أولًا نأخذ تعريف الإلقاء، فالإلقاء “هو فن النطق بالكلام بصورة توضح ألفاظه ومعانيه”

يأتي توضيح اللفظ من خلال دراسة الحروف الأبجدية في مخارجها وصفاتها، بحيث لا يلتبس منها حرف بحرف ولا تتداخل الكلمات فتختفي معانيها .
أما توضيح المعنى فيأتى من دراسة الصوت الإنساني في مادته وطبقاته دراسة موسيقية (تلوينية) تتيح للدارس أن يؤديه بما يناسب المعاني فتبدو جميلة الوقع على أذن السامعين .
ورغم أن هناك قواعد ومعايير للإلقاء الصحيح والناجح، إلا أن الفطرة والموهبة لهما أيضاً دور كبير في نجاح الأداء وتميزه، والدراسة العلمية لفن الإلقاء تصقل الموهبة وتستخرجها في حال حسن بما يحقق المنشود .

معنى الإلقاء:

يعتبر الإلقاء فناً قائماً بذاته، وإن كان قد أرتبط (في ذهن العامة) بالعمل الإذاعي والتلفزيوني نتيجة لطبيعة العصر الراهن ونتيجة لاختالف أساليبه ونبراته الصوتية عن الكلام العادي الذي يجري بين الناس وعن فن الخطابة الذي كثيراً ما يخلط غير المختصين بينه وبين اللإلقاء رغم الفوارق الكبيرة بينهما من حيث الأساليب والأغراض .
والحقيقة أن فن الإلقاء يرتبط بشكل وثيق بإيقاع الجمل، إضافة طبعاً لارتباطه بالنطق السليم للأفاظ كشرط لجودة الأداء إلى أن إيقاع الجمل هو الذي يدفع أكثر بكثير من إيقاع الألفاظ باتجاه الإصغاء ولذلك فهو أشد فعالية وأكثر وقعاً وتأثيراً في عملية التلقي ، لأنه يرتبط إلى حد كبير بالمعنى ، فهو يلخص عملية التحرير وجمع الأخبار والمعلومات وإعدادها، ولأن المعنى لا يستند إلى شكل بل إن الشكل هو عماد المعنى وأساسه فإن إيقاع الجمل والألفاظ يصبح جزءاً لا يتجزأ من المعنى، ومن هنا يأتي التمييز بين :

القراءة والإلقاء :

القراءة لها بعد واحد وليس بالضرورة أن ترتبط بشكل ما .
الإلقاء مصاغ اتصالياً أي أن التلقي بعد من أهم أبعاده وهو يوجد بوجوده، وقد أوجد هذا البعد الإتصالي فاصالاً بين عدد من المفاهيم، مثل مفهوم النص ومفهوم الخطاب ومفهوم الإلقاء ومفهوم القراءة ومفهوم التقديم أيضاً، وجعل اعتماد القراءة أساساً للإتصال أمر خاطئ ومضلل، فلقد قضت القراءة بطابعها الرتيب على الجانب الإتصالي في مجالات مختلفة، مثل خطب الجمعة في المساجد وقراءة الشعر وخطب بعض السادة، مما أدى بدوره إلى القطيعة مع الأخر لانعدام الإتصال .

الفرق بين الخطابة والإلقاء:

هناك فوارق هامة تفصل بين الخطابة والإلقاء، من حيث الشكل والميزات والمتطلبات وأحياناً الأهداف، ويمكن تلخيص هذه الفوارق تبعاً لأشكالها وأغراضها ومتطلباتها بالآتي:

1-الخطاب يعتمد إلى درجة كبيرة على الكلمة والتعبير، ولغة الجسد، وقوة الحجة والإقناع، والإندماج الإنفعالي الذي يولده الخطيب في نفس المتلقي، إذ يحتل حضور الخطيب وأفكاره الدرجة الأهم في عملية التلقي، بغض النظر عن المضمون والمغزى.

ا أما الإلقاء فرغم اعتماده أيضاً على نفس أدوات الخطاب لإيصال رسائله، إلى أنه يسعى إلى -إضافة ما سبق-، إلى تقديم المعلومات وتنظيمها، وشرح الأفكار، ومشاطرة الرأي، وبيان التجارب، ولذلك فهو يخاطب العقل قبل العاطفة.

Advertisements

2- الخطاب يعتمد على التبسيط الشديد للمعلومات والأفكار، والتكرار الممل أحياناً للعبارات والألفاظ، وعلى القوالب الإنفعالية والبلاغية في الخطابة لإلهاب حماسة الجمهور، ورفع الصوت وتنغيمه، والمبالغة في تضخيمه، وزيادة سرعة الإلقاء بهدف خلق ما يسمى “غريزة القطيع”، أي الإنجراف العاطفي بتأثير الوجود ضمن جمع كبير من الناس.

ا أما الإلقاء فيهدف إلى التفهيم عبر حيادية الإلقاء (حيادية نسبية أو موضوعية)، واستخدام الصوت الخالي من الإنفعال والمعبر بنفس الوقت عن المعاني المطلوبة، وذلك بتلوين الصوت وليس تنغيمه، والبراعة في استخدام علامات الترقيم والتقطيع الصوتي للتعبير عن المعنى بشكل جذاب تستريح له أذن المتلقي .

3-الخطابة تعتمد على المحاججة والإستدلال، والإحتفاء باللفظ دون سواه، وعرض الأفكار بطريقة شكلية محضة، مع تقديم البراهين كصيغ مبسطة وبديهية لإثارة تأييد الأشخاص، أو تعزيز هذا التأييد على تنوع درجاته.

ا أما الإلقاء فيتجنب المحاججة ويسعى لطرح المواضيع بطريقة تثير التأمل العقلي المتصل بالحقيقة بدون الإعلان المباشر والصريح، والدعوة إلى التأييد .

تعرف على الفرق بين مفاهيم كثيرة مثل الإلقاء والتقديم والخطاب والنص من هنا

4- الخطيب رغبة منه في أن يكون فعالاً ومؤثراً بالتكيف مع رغبات الجمهور وانفعالاته وعواطفه، وهو تكيف يسلب الخطاب مصداقيته وطبيعيته، ويدخله في باب النفاق السياسي أو الإجتماعي، بينما الملقي المحترف ليس مضطراً لذلك ، لأن الإلقاء يعتمد على التأثير التراكمي وليس التأثير الآني أو اللحظي، ويسعى للتغيير وليس التأييد فحسب .

5-الخطاب لا يحتاج إلى خامة صوت خاصة ولا مؤهلات وتدريب، ويمكن أن يتصدى له أي أحد من عامة الناس، إذا كان يثق بنفسه ويجيد الكلام بشكل حسن .
أما الإلقاء فيحتاج إلى تدريب ومهارات خاصة وبراعة في اللغة وثقافة واسعة وعفوية محسوبة وهدوء مع القدرة على الإحتفاظ بحيوية الإيقاع وسلامة المعنى .

Advertisements

اترك تعليقاً

Shopping Cart
error: Content is protected !!
Scroll to Top